في خطوة تعكس طموحاتها التوسعية، كثّفت شركة “ديب سيك” (DeepSeek) الصينية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي جهودها لاستقطاب المواهب عبر منصة “لينكد إن”، في مؤشر واضح على رغبتها في استقطاب كفاءات من خارج حدود الصين، بالتزامن مع تصاعد المنافسة العالمية على العقول المتميزة في هذا المجال سريع التطور.
وظائف جديدة لأول مرة منذ شهور
أعلنت “ديب سيك”، ومقرها مدينة هانغتشو، عن 10 وظائف شاغرة عبر “لينكد إن” مؤخرًا، وهي أول دفعة من إعلانات التوظيف التي تطرحها الشركة منذ عدة أشهر. وتم الإعلان عن هذه الوظائف باللغة الصينية (الماندرين)، وتشمل ثلاثة أدوار تتعلق مباشرة بتطوير الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، في كل من بكين وهانغتشو.
ورغم نشر وظائف مماثلة في السابق على مواقع توظيف محلية، إلا أن اختيار “لينكد إن” — رغم توقف خدمته المحلية في الصين منذ 2021 — يوحي برغبة الشركة في استهداف المهنيين المقيمين خارج البلاد، خاصة مع اشتداد المنافسة الدولية في مجال الذكاء الاصطناعي.
تركيز على الذكاء الاصطناعي العام AGI
بحسب صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست”، تسعى الشركة من خلال هذه التعيينات إلى تكوين فرق عمل تضم باحثين ومهندسين “يتفوقون في كل من البحث العلمي والتطبيق العملي”، مع تركيز واضح على الذكاء الاصطناعي العام، وهو النمط الأكثر تطورًا من أنظمة الذكاء الاصطناعي، القادر نظريًا على محاكاة القدرات الإدراكية البشرية.
منافسة محتدمة مع عمالقة الغرب
خطوة “ديب سيك” تأتي في وقتٍ تشتد فيه المنافسة مع عمالقة التكنولوجيا في الغرب مثل OpenAI وMeta، حيث تتسابق هذه الشركات لتوظيف أفضل العقول في مجالات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، ما يرفع من سقف الرواتب والحوافز، ويجعل عملية استقطاب الكفاءات معركة استراتيجية بحد ذاتها.
وبينما تقلّص بعض الشركات عدد موظفيها بهدف خفض التكاليف، تستثمر أخرى مبالغ ضخمة في توظيف المواهب، بل وتلجأ أحيانًا لاستقطابها مباشرة من منافسيها.
ترقب لنموذج جديد منخفض التكلفة
تزامنت حملة التوظيف مع ترقّب عالمي لنماذج الذكاء الاصطناعي الجديدة من “ديب سيك”. وكانت الشركة قد أثارت ضجة كبيرة مطلع هذا العام عند إطلاق نموذجها الشهير “R1″، والذي وُصف بأنه يقدم كفاءة عالية بتكلفة أقل من نماذج شركات غربية منافسة.
وفي مايو الماضي، طرحت الشركة إصدارًا محدّثًا من هذا النموذج تحت اسم “R1-0528”، كما سبق ذلك تحديث آخر لنموذجها الأساسي “V3″، لكن لم يتم حتى الآن الكشف عن طفرة تقنية جديدة بمستوى ما حققه R1 عند ظهوره.
تحت مجهر الرقابة
تزايدت مؤخرًا المخاوف الحكومية والتنظيمية بشأن الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي في الصين، خاصة تلك التي تدخل في منافسة مباشرة مع الشركات الغربية، وتُحقق اختراقات تقنية بأسعار أقل. هذا ما جعل “ديب سيك” وغيرها من الشركات في هذا المجال تحت أعين الجهات الرقابية محليًا ودوليًا، في ظل حساسية تقاطع الذكاء الاصطناعي مع الأمن، والسيادة الرقمية، وتدفقات البيانات.
خاتمة:
تسير شركة “ديب سيك” في طريقها لتصبح إحدى أهم اللاعبين العالميين في سوق الذكاء الاصطناعي، لكنها الآن تواجه اختبارًا مزدوجًا: جذب أفضل العقول من خارج حدود الصين، مع الحفاظ على وتيرة الابتكار التي حققتها مؤخرًا. وإذا نجحت في ذلك، فقد نشهد قريبًا تغيرًا في خارطة النفوذ التكنولوجي العالمي، مع دور أكبر للشركات الصينية في مستقبل الذكاء الاصطناعي.




