أثار إعلان المدير التنفيذي لشركة “أمازون”، آندي جاسي، عن توسع الشركة في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بهدف خفض عدد الموظفين، قلقًا واسعًا في سوق العمل العالمي. وجاءت هذه الخطوة لتؤكد مخاوف كانت تتصاعد بصمت، تزامنًا مع إقالة “مايكروسوفت” لحوالي 9 آلاف موظف، أي نحو 4% من قوتها العاملة، في سياق ما وصفته تقارير بـ”تحول رقمي متسارع”.
من الأكثر تهديدًا؟ المبتدئون أم ذوو الخبرة؟
لم يعد النقاش يدور حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى فقدان الوظائف، بل حول من سيُستبدل أولًا: الموظفون المبتدئون الذين يفتقرون للخبرة، أم المحترفون الذين يصعب عليهم مواكبة التطورات التقنية المتسارعة؟
في هذا السياق، صرح داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة “Anthropic” المطورة لنموذج “Claude”، أن نصف الوظائف المكتبية المخصصة للمبتدئين أصبحت عرضة للاستبدال بواسطة الذكاء الاصطناعي. كما أشار براد لايتكاب، مدير العمليات في “OpenAI”، إلى أن فئة الموظفين المستقرة التي تعتمد على روتين محدد أكثر عُرضة للتأثر.
تحوّل جامعي ومخاوف اقتصادية واجتماعية
تُشير هذه الاتجاهات إلى تأثيرات محتملة على مستقبل التعليم الجامعي وسوق العمل، ففي حال تضررت وظائف المبتدئين، سيُفرض على مؤسسات التعليم تطوير مهارات الطلاب قبل التخرج. أما إذا استُبدل الموظفون ذوو الخبرة، فقد يؤدي ذلك إلى تداعيات اجتماعية واقتصادية وسياسية تتطلب تدخلًا حكوميًا عاجلًا، كما حذّر ديفيد فورلونجر، نائب رئيس الأبحاث في شركة “غارتنر”.
ذكاء اصطناعي يعزز أداء المدراء والمبرمجين متوسطي الخبرة
وفي مثال واقعي على التغيير، رصدت دراسة لجامعات أميركية كيف استفاد المبرمجون متوسطي الخبرة من أدوات الذكاء الاصطناعي، مقارنة بزملائهم المبتدئين. فبينما استخدم المبتدئون الأدوات لتحسين أدائهم الفردي، استطاع ذوو الخبرة المتوسطة توظيفها لدعم فرقهم وتعزيز التعاون والإنتاجية، لا سيما في بيئات العمل متعددة اللغات.
هذا النمط ظهر أيضًا في المجال القانوني، إذ أشار روبرت بلوتكين، الشريك في شركة محاماة أميركية، إلى أن الذكاء الاصطناعي أثّر على محامي العقود ذوي الخبرة، ولم يؤثر على المساعدين القانونيين. بل أصبح يعتمد على أدوات تكتب العقود بكفاءة وسرعة أعلى من الموظفين التقليديين.
إعادة تعريف التوظيف والهيكلة داخل الشركات
تشير البيانات إلى أن العديد من الشركات، ومنها “مايكروسوفت”، قررت تقليص عدد المديرين المتوسطين وبعض مهندسي البرمجيات، في خطوة لإعادة هيكلة فرق العمل، مع اعتماد أكبر على الأدوات الذكية.
وبرر فورلونجر ذلك بأن الوظائف التي تتطلب معالجة البيانات والبريد الإلكتروني والمستندات يمكن للذكاء الاصطناعي القيام بها بشكل أكثر كفاءة، مما يتيح للمديرين وقتًا أطول لتدريب الموظفين وتوجيههم.
الذكاء الاصطناعي وسيناريو تحويل الموظفين ذوي الرواتب المنخفضة إلى موارد فعّالة
يرى هاربر ريد، الرئيس التنفيذي لشركة “2389 للأبحاث”، أن الطريق الأمثل لتقليل التكاليف لا يكمن في تسريح الموظفين منخفضي الدخل، بل في تطويرهم ليصبحوا موارد تستحق أجورها. وتدعم هذه الرؤية دراسة لمايكروسوفت أظهرت أن أدوات الذكاء الاصطناعي تزيد إنتاجية المبرمجين المبتدئين أكثر من ذوي الخبرة.
موجات تسريح مدفوعة بالحسابات المالية والاستثمار في الذكاء الاصطناعي
واختُتم المقال بتسليط الضوء على تسريح “مايكروسوفت” و”غوغل” لآلاف الموظفين رغم أرباحهم الكبيرة، حيث فُسّرت هذه الخطوات بأنها تهدف لتحسين الأداء المالي، واستغلال استثماراتهم في الذكاء الاصطناعي، خاصة مع ازدياد الاعتماد على الشرائح المتقدمة وأنظمة التشغيل الذكية.




