كشفت تقارير إعلامية عن فضيحة صادمة تورّطت فيها شركة الذكاء الاصطناعي البريطانية الناشئة “بيلدر إيه آي” (Builder.ai)، المدعومة من مايكروسوفت، والتي كانت تُقدّر قيمتها بنحو 1.5 مليار دولار أميركي، قبل أن تقترب من الإفلاس.
ذكاء اصطناعي وهمي.. ومبرمجون بشريون يتظاهرون بأنهم روبوتات
المفاجأة الكبرى التي فجّرتها تصريحات ليناس بيليوناس، مدير شركة “زيرو هاش” المالية، تمثلت في أن “بيلدر إيه آي” لم تكن تعتمد فعلياً على الذكاء الاصطناعي في بناء التطبيقات كما كانت تزعم، بل كانت توظف مبرمجين هنودًا يعملون خلف الكواليس ويتظاهرون بأنهم روبوتات تكتب الأكواد.
وقال بيليوناس عبر حسابه على “لينكد إن”:
“لم يكن هناك ذكاء اصطناعي من الأصل، فقط فريق من المطورين يدّعي أنه روبوت يكتب الشيفرة البرمجية”.
منصة واعدة.. إلى اعترافات صادمة
تأسست “بيلدر إيه آي” في عام 2016 بهدف تمكين الشركات من تصميم تطبيقاتها الخاصة دون خبرة تقنية عميقة، واستقطبت دعمًا ماليًا من كبريات الجهات مثل مايكروسوفت ومؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي. وقد جمعت ما يزيد عن 450 مليون دولار من الاستثمارات.
لكن قبل شهرين فقط، أعلنت الشركة خفض تقديرات مبيعاتها الأساسية، وأقرت بوجود خلل في بياناتها المالية، وكلفت مدققين ماليين بمراجعة سنتين من حساباتها. كما بدأت رسميًا إجراءات الحماية من الإفلاس.
أكاذيب الإيرادات تثير سخط المستثمرين والجهات الرقابية
إلى جانب خداع الذكاء الاصطناعي، وُجّهت اتهامات لـ “بيلدر إيه آي” بتقديم أرقام إيرادات زائفة للمستثمرين طوال ثماني سنوات، الأمر الذي دفع الهيئات التنظيمية المعنية بالمنافسة والأسواق المالية إلى التحقيق في ممارساتها التسويقية.
وتساءلت تقارير صحفية دولية، مثل “بلومبيرغ” و”إنترناشيونال بزنس تايمز”، عن مستوى الشفافية والمساءلة في شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة، خاصة في ظل التهافت الاستثماري الكبير على هذا القطاع الحيوي.
الذكاء الاصطناعي بين الحقيقة والتضليل
فضيحة “بيلدر إيه آي” تسلط الضوء على معضلة تسويقية وأخلاقية كبرى في عالم التكنولوجيا الحديثة، حيث تواجه الصناعة ضغوطًا متزايدة لإثبات أنها تقدم حلولًا حقيقية مدعومة بالتقنيات المتقدمة، وليس مجرد واجهات وهمية تستغل شهرة المصطلح الرائج “الذكاء الاصطناعي”.
ويبدو أن هذه القضية ستُشكّل نقطة تحول حاسمة في كيفية تعامل الأسواق والمستثمرين مع الشركات الناشئة التي ترفع شعار الذكاء الاصطناعي، وسط دعوات لمزيد من التدقيق والشفافية في تقييم المشاريع التقنية.




