مؤتمر الدوحة للمال الإسلامي: توصيات بشأن الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين

اختتم مؤتمر الدوحة للمال الإسلامي، في نسخته الحادية عشرة، أعماله بتوصيات هامة بشأن تطوير إطار تنظيمي متوافق مع الشريعة لتطبيقات البلوك تشين والذكاء الاصطناعي. دعا المؤتمر إلى تعزيز التعاون بين مؤسسات التمويل الإسلامي، الهيئات التنظيمية، وخبراء التكنولوجيا لوضع معايير للعقود الذكية، وحوكمة الذكاء الاصطناعي، وتطوير بيئات تنظيمية تجريبية للبلوك تشين والذكاء الاصطناعي، مع إنشاء أطر متوازنة تحفز الابتكار مع الحفاظ على المبادئ الإسلامية.

التأكيد على التوازن بين الابتكار والقيم الإسلامية

أكد البيان الختامي للمؤتمر على أن جوهر مفهوم التمويل من منظور الاقتصاد الإسلامي يعتمد على منظومة القيم والأخلاق. واعتُبر أن النظام المالي الإسلامي يجب أن يحقق توازنًا بين الابتكار والقيم التنظيمية، سواء كان التمويل مركزياً، لا مركزياً أو هجينا، بهدف بناء نظام مالي أكثر عدلاً واستدامة ومتوافقًا مع مقاصد الشريعة.

الألعاب الإلكترونية: أحكام شرعية متنوعة

أشار البيان إلى أن الألعاب الإلكترونية لا يمكن حصرها في حكم واحد، بل إنها تختلف بحسب الجوانب والظروف. كما بيّن أن المعاملات المالية التي تتم في هذه الألعاب، مثل فتح الحسابات أو شراء النقاط، تأخذ حكم اللعبة نفسها من حيث الجواز أو المنع، مع مراعاة الضوابط الشرعية في المعاملات المالية الإلكترونية.

الذكاء الاصطناعي: أداة لتوجيه الفقه الإسلامي في المستقبل

نوه البيان إلى أهمية فقه المستقبليات في اجتهادات الفقهاء المعاصرين، خصوصًا في مجال الذكاء الاصطناعي. حيث يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تحسين الفاعلية في التوقعات الفقهية والمساعدة في الاستنباطات المستقبلية، خصوصًا في تحليل البيانات الضخمة وتقديم استنتاجات دقيقة.

تكامل البلوك تشين والذكاء الاصطناعي في المصارف الإسلامية

شدد المؤتمر على أن تكامل تقنيات البلوك تشين والذكاء الاصطناعي يعزز الامتثال الشرعي في المصارف الإسلامية، من خلال تحقيق الشفافية، تحسين التدقيق الشرعي، وتقليل مخاطر التلاعب. وقد أظهرت بعض المؤسسات المالية الإسلامية نجاحات في تطبيق هذا التكامل، مما يعزز أدائها وزيادة فعاليتها وتنافسها على المستوى العالمي.

الحفاظ على الأوقاف وتطويرها باستخدام التقنيات الحديثة

أوضح البيان أن الذكاء الاصطناعي وتقنية البلوك تشين توفران حلولاً متقدمة للحفاظ على الأوقاف وتطويرها، بما في ذلك تحسين إدارة الأصول، وتعزيز الشفافية، وتحقيق الاستدامة. كما تم تسليط الضوء على التحديات المتعلقة بالخصوصية، ضعف الثقة في التكنولوجيا، وتكاليف التمويل، مؤكدًا أن التغلب على هذه التحديات يتطلب تدريب الكوادر البشرية في المؤسسات الوقفية ودراسة العوائق المحتملة للتحول الرقمي.

مستقبل الوقف: إنشاء بنك الوثائق الوقفية

دعا البيان إلى ضرورة العمل على تطوير حوكمة قانونية وفهرسة خوارزمية للوثائق الوقفية، ما يساعد في إنشاء “بنك الوثائق الوقفية”. هذا المشروع يهدف إلى ردم الفجوة بين الباحثين وذاكرة الحضارة الإسلامية الوقفية، مما يعزز الحفاظ على الأصول الوقفية ويعزز من قيمتها.

الجلسات العلمية للمؤتمر: مناقشة قضايا متعمقة

ناقشت الجلسات العلمية للمؤتمر أربعة محاور رئيسية هي: “الذكاء الاصطناعي اللامركزي: الأحكام والضوابط”، “الوقف في ظل تكامل البلوك تشين والذكاء الاصطناعي”، “ثورة الألعاب القائمة على البلوك تشين: الأحكام وفرص الاستثمار”، و”سلاسل القيم عبر التمويل اللامركزي المدعوم بالذكاء الاصطناعي”. وقد أسهم العلماء والأكاديميون المشاركون في تقديم أوراق عمل ونقاشات موسعة حول هذه الموضوعات.

دور المؤتمر في تشكيل مستقبل التمويل الإسلامي

منذ انطلاقه في عام 2010، أصبح مؤتمر الدوحة للمال الإسلامي منصة مرموقة ومؤثرة في تشكيل مسار التمويل الإسلامي على المستوى العالمي. وقد شهدت دوراته السابقة مشاركة واسعة من هيئات حكومية، منظمات دولية، مؤسسات مالية وأكاديمية من مختلف أنحاء العالم.

شارك هذا الخبر
إبراهيم مصطفى
إبراهيم مصطفى
المقالات: 455

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *