ماسك والذكاء الاصطناعي: كيف يعيد عملاق التكنولوجيا صياغة مستقبل الابتكار بعد السياسة

من مستشار لترامب إلى “احتلال المريخ”

بعد أربعة أشهر من دخوله معترك السياسة كمستشار للرئيس الأميركي دونالد ترامب، أعلن الملياردير إيلون ماسك انسحابه من دوره في الإدارة، مفضلاً العودة إلى قيادة إمبراطورتيه في التكنولوجيا. وجاء هذا القرار بعدما وجه انتقادات علنية نادرة لترامب، منهياً مرحلة ارتدى فيها قبعة “لنجعل أميركا عظيمة مجددًا”، ليستبدلها برسالة “احتلوا المريخ” المرتبطة بطموحات شركته “سبايس إكس”.

ماسك، الذي بدا غائبًا عن الإعلام في السابق، بات أكثر حضورًا، مؤكدًا عبر منصته “إكس” أنه بات يمضي “24 ساعة في العمل” وينام داخل مصانع شركاته وخوادمها. غير أن خروجه من البيت الأبيض لم يكن خاليًا من التحديات، وسط شكوك حول تأثير غيابه السياسي على أداء شركاته المختلفة.

خسائر في تِسلا وقلق في سبايس إكس

تعد شركة “تِسلا” الأكثر تأثرًا بغياب ماسك، خصوصًا بعد أن واجهت موجة من الاحتجاجات بسبب خفض الوظائف الحكومية وتراجع مبيعات السيارات. ووفقًا لمحللين، فقد تراجعت قيمة سهم الشركة بنسبة 14% منذ بداية العام، ما أدى إلى خسارة تقترب من 180 مليار دولار من قيمتها السوقية.

وفي المقابل، استفادت “سبايس إكس” من قرب ماسك من البيت الأبيض، إذ عقدت شراكات جديدة في إطار برنامج “ستارلينك”. ومع ذلك، عبّر موظفون عن قلقهم من غياب مؤسسهم عن المشهد التنفيذي. فقد كتب الموظف السابق ديلان سمول عبر “إكس”: “المعنويات منخفضة. كنا نستلهم الحماس من وجودك معنا”.

شراكة متوترة مع البيت الأبيض

في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض نهاية مايو، قال ماسك إن خروجه من الحكومة “ليس نهاية حقبة، بل بداية جديدة”، مؤكدًا أنه سيبقى صديقًا ومستشارًا للرئيس. وأيده ترامب قائلاً إن ماسك “لن يبتعد فعليًا، بل سيكون حاضرًا للمساعدة دائمًا”.

لكن صحيفة نيويورك تايمز نقلت عن موظفين سابقين في “سبايس إكس” و”تِسلا” استياءهم من فترات غيابه الطويلة، ما طرح تساؤلات عن التزامه بقيادة شركاته في ظل انشغاله السياسي.

عودة خجولة إلى تِسلا… ومخاوف من الرسوم الجمركية

في أبريل الماضي، ظهر ماسك في مكاتب “تِسلا” في بالو ألتو بعد غياب طويل، وسأل عن تأثير رسوم ترامب الجمركية على سلسلة التوريد. لكن توقيت السؤال أثار قلق الحاضرين، خاصة أن القرارات تعود إلى فبراير الماضي. بعد أيام، أعلنت الشركة انخفاض مبيعاتها بنسبة 13% على أساس سنوي، في أدنى مستوى لها منذ أربع سنوات.

الموظف السابق في “تِسلا”، ماثيو لابروت، صرّح للصحيفة الأميركية أن “العملاء باتوا ينفرون من الشركة بسبب مواقف ماسك”، مشيرًا إلى أنه طُرد بعدما أنشأ موقعًا لنقده.

توسعات في الذكاء الاصطناعي رغم الجدل

رغم الانتقادات، يواصل ماسك دفع شركته “إكس إيه آي” للأمام، ودمجها مؤخرًا مع منصة “إكس”. ووفق وثائق داخلية، تستعد الشركة لتقديم عرض شراء داخلي يسمح للموظفين ببيع أسهمهم نقدًا، ما قدر قيمة الشركة بـ113 مليار دولار.

وفي خطوة لافتة، أعلنت الرئيسة التنفيذية لـ”إكس”، ليندا ياكارينو، عن شراكة مع “تليغرام” لدمج روبوت “غروك” داخل التطبيق، ما يفتح باب الوصول إلى مليار مستخدم. إلا أن ماسك عاد سريعًا لتوضيح أن “الاتفاق لم يُوقع بعد”، ما يعكس توترًا في إدارة الملفات الكبرى.

مستقبل غير واضح

لا يزال من غير المعروف ما إذا كان انسحاب ماسك من المشهد السياسي نهائيًا، أو مجرد إعادة تموضع مؤقت. لكنه بلا شك يدخل مرحلة جديدة يسعى فيها لاستعادة الثقة داخل شركاته التي شهدت تذبذبًا ملحوظًا في الأشهر الأخيرة، بالتوازي مع تزايد المنافسة في مجالات السيارات الكهربائية والذكاء الاصطناعي والفضاء.

 

شارك هذا الخبر
إبراهيم مصطفى
إبراهيم مصطفى
المقالات: 967

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *