من الرسوم إلى الذكاء الاصطناعي.. حرب أميركا والصين تدخل مرحلة “الرقائق والتقنيات الفائقة”

الصين تقترح نظامًا عالميًا لتنظيم الذكاء الاصطناعي.. وأميركا ترد بمشروع “Stargate” الضخم

لم تعد الحرب الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين مقتصرة على الرسوم الجمركية، بل دخلت في عمق التكنولوجيا المتقدمة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي والرقائق الإلكترونية، في صراع يتصاعد بوتيرة متسارعة ويعيد تشكيل موازين القوى العالمية.

الصين تدعو لتنظيم عالمي للذكاء الاصطناعي

اقترحت الصين مؤخرًا تأسيس “نظام عالمي لإدارة الذكاء الاصطناعي”، بهدف تعزيز التعاون الدولي لمواجهة التحديات التقنية والاقتصادية المتزايدة، وفق ما أكده السفير الصيني في موسكو “تشانغ هان هوي”. الخطوة تأتي في ظل السباق المحتدم مع واشنطن للسيطرة على مفاتيح المستقبل التكنولوجي.

من الرسوم إلى الرقائق: الحرب تتصاعد

منذ اندلاع الحرب التجارية في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018، فرضت واشنطن رسومًا جمركية وصلت إلى 145%، وردت بكين بفرض 125%، لكن التوتر بلغ ذروته بعد إعلان الصين عن نموذج ذكاء اصطناعي من شركة صينية تسبب في هزة بالأسواق الأميركية وخسائر قاربت التريليون دولار في يوم واحد.

“كودا” وتفوق أميركي مقلق

يرى خبراء أن جوهر المعركة يدور حول تقنيات المعالجة، خصوصًا منصة “كودا” (CUDA) من “إنفيديا”، التي تعد العمود الفقري غير المرئي لمعظم تطبيقات الذكاء الاصطناعي الغربية. ووفقًا للخبير “أندرياس هاسيلوف”، فإن “كودا” تشكل “خندقًا برمجيًا” يصعب اختراقه، ما دفع الجهات التنظيمية في واشنطن وباريس إلى فتح تحقيقات حول هيمنة إنفيديا.

“ديب سيك” الصينية ترد

ردًا على القيود الأميركية على تصدير شرائح H800، تمكن مهندسو شركة “ديب سيك” الصينية من تجاوز العقبات عبر برمجة منخفضة المستوى بلغة (PTX وSASS)، واستغلال 20 من أصل 132 معالجًا داخليًا لأداء مهام اتصالات مبتكرة تحت اسم “DualPipe”. ورغم أهمية الابتكار، إلا أن هاسيلوف يحذر من صعوبات الصيانة والتطوير بسبب تعقيد النهج المستخدم.

الولايات المتحدة تطلق “Stargate” العملاق

في إطار تعزيز قدراتها، أعلنت الولايات المتحدة عن مشروع “Stargate” بقيمة 500 مليار دولار، بقيادة تحالف يضم OpenAI وSoftBank وOracle وMGX، لبناء شبكة عالمية من مراكز البيانات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي على مدى 4 سنوات.

الصين ترد ببنية تحتية محلية قوية

في المقابل، تواصل الصين تطوير بيئة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، بدعم من شركات كبرى مثل ByteDance التي بلغت قيمتها السوقية 220 مليار دولار في 2024، إضافة إلى دعم الشركات الناشئة مثل “ديب سيك” التي تمثل واجهة الابتكار الصيني المحلي.

سباق المعادن النادرة يزيد من حدة الصراع

فرضت واشنطن قيودًا على تصدير معدات تصنيع الرقائق إلى الصين، ما أثر بشدة على شركات مثل “هواوي” و”SMIC”، بينما ردت بكين بتقييد تصدير المعادن الأرضية النادرة، والتي تسيطر على 70% من إنتاجها و90% من معالجتها عالميًا، ما شكّل ضغطًا كبيرًا على الصناعات الأميركية، خاصة الدفاعية.

تايوان.. محور الصراع التكنولوجي

تبقى تايوان في قلب المعركة، إذ تسيطر على 67% من صناعة أشباه الموصلات عالميًا، وتصل هيمنتها إلى 71% في الشرائح المتقدمة تحت 10 نانومتر، عبر شركة TSMC التي تزود عمالقة التكنولوجيا في الصين وأميركا على حد سواء. وتسعى واشنطن لتقليل الاعتماد على تايوان عبر قانون الرقائق والعلوم (CHIPS Act)، الذي يمنح حوافز ضخمة لشركات مثل TSMC وIntel وSamsung لبناء مصانع في الأراضي الأميركية.

ختامًا.. سباق بلا هوادة

الخبير طلال الشيخ يرى أن الذكاء الاصطناعي لم يعد يعتمد فقط على البرمجيات والخوارزميات، بل باتت الهندسة المتقدمة وإدارة الموارد الإستراتيجية تلعب أدوارًا مركزية في معركة السيطرة التقنية بين العملاقين العالميين، في وقت يُعاد فيه تشكيل خريطة التكنولوجيا العالمية.

شارك هذا الخبر
يوسف إبراهيم
يوسف إبراهيم
المقالات: 501

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *