قمة باريس للذكاء الاصطناعي تكشف الانقسامات بين القوى الكبرى
اختتمت قمة باريس للذكاء الاصطناعي، التي انعقدت على مدار يومين، بكشف أعمق للخلافات بين القوى الكبرى حول مستقبل هذه التكنولوجيا الثورية. كانت كلمة نائب الرئيس الأميركي، جيمس ديفيد فانس، واحدة من أبرز محطات القمة، حيث أوضح بجلاء موقف واشنطن الساعي إلى الحفاظ على الهيمنة الأميركية في هذا المجال، متجاهلاً النهج التنظيمي المشدد الذي يعتمده الاتحاد الأوروبي.
فانس يترجم سياسة ترامب ويؤكد هيمنة أمريكا
خلال كلمته في الجلسة الختامية، شدد فانس على أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يظل بعيدًا عن “التحيز الأيديولوجي”، مؤكدًا رفض واشنطن لأي قيود قد تعوق الابتكار في هذا القطاع. كما أشار إلى أن الولايات المتحدة ستواصل ريادتها في الذكاء الاصطناعي، وستتصدى لأي نفوذ صيني قد يهدد هذه الهيمنة.
ماسك يفاجئ الجميع بعرض ضخم لشراء “أوبن إيه آي”
من المفاجآت الكبرى في القمة، كان إعلان الملياردير الأميركي إيلون ماسك عن نيته، مع مجموعة مستثمرين، تقديم عرض للاستحواذ على شركة “أوبن إيه آي”، التي طورت “تشات جي بي تي”، بمبلغ يصل إلى 100 مليار دولار. جاء الرد سريعًا من رئيس الشركة، سام ألتمان، الذي رد ساخرًا عبر منصة “إكس”: “لا، شكرًا، لكن يمكننا شراء تويتر مقابل 9.74 مليار دولار”.
الصمت الصيني يثير التساؤلات في القمة
رغم حضور نائب رئيس الوزراء الصيني إلى باريس للمشاركة في القمة، فإن غيابه عن الإدلاء بأي تصريحات علنية أثار تساؤلات حول الموقف الصيني الرسمي من القضايا المطروحة. حتى بعد لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لم يصدر عن بكين أي تعليق رسمي حول مداولات القمة.
أوروبا تسعى لإيجاد “الطريق الثالث” بين أمريكا والصين
في ظل الصراع القائم بين الولايات المتحدة والصين، تحاول أوروبا بقيادة الرئيس الفرنسي ماكرون إيجاد “مسار ثالث” يسمح لها بالمنافسة في الذكاء الاصطناعي، دون تبني النهج الأميركي أو الصيني. رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أكدت أن أوروبا ليست متأخرة كما يُشاع، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي خصص 200 مليار يورو لدعم قطاع الذكاء الاصطناعي، ضمن خطة استثمارية ضخمة.
إعلان ختامي يدعو لحوكمة الذكاء الاصطناعي… وأمريكا وبريطانيا ترفضان التوقيع
في نهاية القمة، صدر إعلان مشترك وقعته 58 دولة، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي ولجنة الاتحاد الأفريقي، يدعو إلى تطوير ذكاء اصطناعي “منفتح وشامل وأخلاقي”. غير أن اللافت كان امتناع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عن التوقيع على هذا الإعلان، في مؤشر على الانقسامات العميقة حول سياسات تنظيم هذه التكنولوجيا المتطورة.
سباق مستمر نحو المستقبل
مع انتهاء قمة باريس، يبدو واضحًا أن الذكاء الاصطناعي أصبح ساحة صراع جديدة بين القوى الكبرى، حيث تحاول كل دولة فرض رؤيتها الخاصة. وبينما تسعى أوروبا إلى وضع قواعد تنظيمية صارمة، ترفض واشنطن هذه القيود بدعوى حماية حرية الابتكار، فيما تظل الصين متحفظة في مواقفها، مما يجعل السنوات المقبلة حاسمة في رسم معالم مستقبل الذكاء الاصطناعي عالميًا.