تُشكّل الأمراض الفيروسية المعدية تحديًا كبيرًا للعالم، خاصةً مع التطور السريع للفيروسات عبر الطفرات، كما حدث جليًا خلال جائحة كوفيد-19. فظهور متحورات جديدة من فيروس سارس-كوف-2 أطلق موجات عدوى متجددة، غالبًا ما تكتسب طفرات تزيد من قدرتها على الانتقال بين الناس.
لهذا، أصبح فهم “لياقة” الفيروس، أي قدرته على الانتشار والبقاء، أمرًا ضروريًا لإدارة التهديدات الصحية والتنبؤ بتطور الفيروسات.
CoVFit: إطار عمل ذكاء اصطناعي للتنبؤ بلياقة المتحورات
قاد الأستاذ المشارك جمبي إيتو وفريقه في جامعة طوكيو تطوير نموذج ذكاء اصطناعي جديد باسم CoVFit، تم نشر نتائجه في مجلة Nature Communications. يجمع النموذج بين البيانات الجزيئية الخاصة بالفيروس والبيانات الوبائية واسعة النطاق ليقدم تنبؤات دقيقة حول أسباب نجاح بعض المتحورات وفشل أخرى.
يستخدم CoVFit بيانات الطفرات في بروتين “سبايك” الذي يلعب دورًا رئيسيًا في قدرة الفيروس على الهروب من المناعة، إضافة إلى بيانات انتشار الفيروس بين السكان عبر الزمن والمناطق الجغرافية.
قدرة مذهلة على التنبؤ بالتطور الفيروسي
قال الدكتور إيتو: “طوّرنا نموذجًا يتنبأ بلياقة متحورات فيروس SARS-CoV-2 استنادًا إلى تسلسل بروتين سبايك. وبفضل CoVFit، حددنا الطفرات التي عززت قدرة الفيروس على الانتشار بشكل متكرر”. أظهر النموذج دقة عالية في التنبؤ بالتأثير التطوري لاستبدالات الأحماض الأمينية، مما يوفر فهمًا عميقًا لكيفية تطور الفيروس.
ويضيف إيتو: “من المتوقع أن يمكننا CoVFit من الكشف المبكر عن المتحورات ذات الخطورة العالية التي قد تنتشر بسرعة”.
التنبؤ بالمستقبل وتطور الفيروس
طور الفريق أسلوبًا لتوليد متحورات افتراضية عبر الكمبيوتر، حيث قاموا باختبار جميع بدائل الأحماض الأمينية المفردة الممكنة في سلالة مرجعية، وتوقعوا مدى قدرة كل منها على الانتشار. وبهذا يمكن تحديد الطفرات التي قد تظهر في متغيرات مستقبلية للفيروس.
عند اختبار النموذج على سلالة أوميكرون BA.2.86، تنبأ CoVFit بأن تغييرات في مواقع بروتين S (346 و455 و456) ستعزز لياقة الفيروس، وقد لوحظت هذه الطفرات لاحقًا في سلالات فرعية انتشرت عالميًا.
أهمية CoVFit في مواجهة الأوبئة المستقبلية
يشكل CoVFit إنجازًا علميًا في التنبؤ بتطور الفيروسات وفهم آليات انتشارها، من خلال دمج علوم البيولوجيا الجزيئية وبيانات السكان مع تقنيات الذكاء الاصطناعي. هذا النموذج يوفر أداة مرنة وشفافة تمكن الجهات الصحية من اتخاذ قرارات مبنية على توقعات علمية دقيقة، مما يعزز القدرة على الاستعداد والاستجابة السريعة لتفشي الفيروسات الحالية والمستقبلية.




